بداية, سنعرض الى ملخص ما جاء به ستيف جوبز في خطابه المفتوح المطول حول قضية دعم الفلاش على أجهزة أبل المحمولة المختلفة و التي تتضمن الiPod, الiPhone و الiPad و من ثم سنقدم بعض الملاحظات البسيطة التي نستشفها من هذا الخطاب. و ها هو ملخص ما قاله جوبز في نقاط 6 عرض فيها الأسباب وراء قرار أبل و الذي وصفه بالتقني البحت و ليس له علاقة بسياسة الشركة التجارية أو التأثير على أعمال شركات أخرى:
السبب الأول: الإنفتاح .. على الرغم من أن أدوبي تتهمنا بالإنغلاق على أنفسنا و الرغبة في احتكار المعايير المتاحة في تصفح الإنترنت إلا أن الحقيقة هي أن أدوبي هي من تمتلك هذة المعايير المغلقة. الفلاش هو أحد أكثر معايير الويب إنغلاقا حيث أن أدوبي وحدها هي من تمتلك إمكانية تطويره وقتما تشاء, في حين أن المعايير التي اعتمدتها أبل في جميع أجهزتها و أهمها الHTML5 هي من المعايير المفتوحة كليا و المتاحة للجميع للتطوير و الإبتكار كما أن تاريخنا يشير الى أننا نعتقد كليا في حرية الويب بشكل خاص فقد قمنا بتطوير الWebKit و التي أصبحت حزمة التعامل مع الويب التي يعتمد عليها جميع مصنعي الهواتف المحمولة في المتصفحات المدمجة في هواتفهم باستثناء ميكروسوفت.
السبب الثاني: أدوبي تدعي أن مستخدمي أجهزتنا يخسرون إمكانية مشاهدة 75% من محتوى الفيديو الموجود على الويب و لكننا نقول بأن ذلك لم يعد صحيح مطلقا, فأجهزتنا تقدم تطبيق خاص لمشاهدة الفيديو من موقع يوتيوب و الذي يمثل وحده 40% من محتوى الفيديو على الويب أضف الى ذلك العدد الهائل من المواقع الخدمية و مواقع مشاركة الفيديو التي تحولت أخيرا الى استخدام الHTML5 لعرض مقاطع الفيديو ما جعلها متوافقة كليا مع أجهزتنا و من بين هذة المواقع و الخدمات على سبيل المثال لا الحصر Vimeo, Netflix, Facebook, ABC, CBS, CNN, MSNBC, Fox News, ESPN, NPR, Time, The New York Times, The Wall Street Journal, Sports Illustrated, People, National Geographic و غيرها الكثير.
السبب الثالث: لقد وصفت Symantec الفلاش مؤخرا بأنه أحد أسوأ التقنيات من حيث الأمان خلال عام 2009 كما أننا لم نرى حتى هذة اللحظة الفلاش يعمل بشكل مستقر و مثالي على أي جهاز محمول حتى هذة اللحظة على الرغم من إدعاءات أدوبي بأن الفلاش قادم للعديد من الهواتف المحمولة منذ مطلع عام 2009 و لكننا لم نرى أي شئ حتى هذة اللحظة.
السبب الرابع: استهلاك الطاقة, إن مقاطع الفيديو التي تتم معالجتها بمعالج H.264 تعتمد في عرضها على معالج الرسوميات الذي يستخدمه الهاتف ما يجعل استهلاك الطاقة أقل كثيرا مقارنة بمقاطع الفيديو المعروضة بتقنية الفلاش و التي لم تتم معالجتها باستخدام الH.264 و التي تحتاج الى عمليات معالجة مستقلة عبر نظام التشغيل تستهلك تقريبا ضعف الطاقة اللازمة في الحالة السابقة.
السبب الخامس: الفلاش لا يدعم اللمس باستخدام الأصابع فقد تم بنائه منذ اللحظة الاولى للاعتماد على الفأرة التي تستخدم في الحاسبات, لذلك فحتى لو كانت أجهزة أبل تدعم الفلاش فإن المستخدم لن يستطيع التعامل مع المواقع التي تعتمد على الفلاش لهذا السبب.
السبب السادس و الأهم: إن أدوبي تريد أن يعتمد المطورون على حزمتها الإبداعية في تصميم البرامج و التطبيقات الخاص بأجهزتنا على أن يقوم المحور الخاص بالحزمة الإبداعية بمعالجة هذة التطبيقات لتصبح متوافقة مع الأجهزة و هذة من واقع خبرتنا السابقة هي الفكرة الأسوأ على الإطلاق و التي لا يمكننا أن نسمح بها في أي وقت حيث أن اعتماد المطور أو المبرمج على طرف ثالث خلافا للشركة المنتجة لنظام التشغيل لتطوير برامجه يجعل المزايا المتاحة للمطور تعتمد على ما يقدمه هذا الطرف الثالث و ليس نظام التشغيل نفسه كما أنه سيتوجب على المطور أن ينتظر أن يدعم هذا الطرف الثالث أي خواص جديدة تتيحها أبل للمبرمجين قبل أن يستطيع استغلالها.
ملاحظاتنا المبدئية على هذا الخطاب:
بالإعتماد على مبدأ عدو عدوي صديقي حفل خطاب ستيف جوبز بإشارات عديدة الى ما تستخدمه و تعتمد عليه جوجل مع نظام أندرويد, و نوكيا مع نظام سيمبيان, و بالم مع نظام Web OS و RIM مع نظام بلاك بيري و هي الإشارات التي نراها موفقة لدعم موقف أجهزة أبل في كونها تدعم نفس المعايير المفتوحة التي اعتمدها هؤلاء بغض النظر عن وجود خلافات عديدة بين أبل و هذة الأطراف في مجالات أخرى مختلفة
الأسباب الثاني و الثالث و الرابع جاءت موفقة للغاية و الواقع أنه ليس لأبل أي علاقة بها من قريب أو من بعيد بل هي في واقع الأمر أخطاء ارتكبتها أدوبي و طرحت لدينا علامات استفهام دارت بأذهاننا سابقا مرات عديدة, فحتى هذة اللحظة لا ندري لماذا لم تفعل أدوبي شيئا و هي ترى العديد من مقدمي خدمات الفيديو و أكبرهم يوتيوب يتحولون بعيدا عن الفلاش ؟؟ و لماذا كل هذا التأخير في تقديم الفلاش على الأجهزة المحمولة الأخرى ؟؟
عدم توافق بعض المواقع المصممة باستخدام الفلاش مع لمسات الأصابع ليس مبررا منطقيا لعدم دعم الفلاش لأن هناك استخدامات أخرى عديدة له متوافقة مع اللمس و في كثير من الأحيان ضرورية للتعامل مع بعض المواقع و هو ما يجعل المسبب الخامس فارغ من قيمته
بعد هذا التطور الجديد في الأحداث فأنه لا يبدو أننا مقبلين على أي تطور إيجابي فيما يتعلق بدعم الفلاش على أجهزة أبل بل أن الأرجح أن أبل قد تنجح في إجتذاب أطراف أخرى جديدة اليها من بين كبار مصنعي أنظمة الهواتف المحمولة أمثال RIM, نوكيا و جوجل و هو ما نراه إحتمالا كبيرا و قريبا الى الواقع بسبب استثمارات جوجل الهائلة في مجال الHTML5 و المتغيرات الأخيرة التي أدخلتها الكثير من مواقع مشاركة الفيديو أضف الى ذلك مفاهييم و معايير تصميم الويب الجديدة و في حال حدثت هذة الخطوة التي أراها ممكنة للغاية فإنها قد تكون فعليا نهاية شئ ما كان في يوم من الأيام يحمل اسم “الفلاش”