جديد التجديد

23 مارس 2009

المسيح في القرآن الجزء التاني

المسيح في القرآن (2)

ها نحن نكمل ما ابتدأناه من حديث القرآن عن نبي الله عيسى عليه السلام ، هدفنا من ذلك إيضاح حقيقة ذلك النبي ، وحقيقة دعوته من خلال العرض القرآني الواضح والمتميز ، حتى إذا اطلع المرء على البيان القرآني ، علم حقيقة المسيح عليه السلام ، واحتقر تلك الطلاسم والألغاز التي أحاط النصارى بها شخصيته ، فعسر فهمها ، وإدراك حقيقتها ، حتى على كبار قساوستهم ورهبانهم فضلا عن عامتهم ، حتى قيل : لو اجتمع عشرة من النصارى لتفرقوا على أحد عشر قولا ، فنحمد الله أن هدانا لما اختلف فيه من الحق بإذنه إنه يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم .

وقد سبق أن ذكرنا بعضا من حديث القرآن عن نبي الله عيسى عليه السلام ، وها نحن نكمل فيما يأتي هذا العرض القرآني الممتع .

عيسى يبشر بنبي الإسلام

من خلال حديث القرآن عن عيسى - عليه السلام - علمنا ببشارته بنبينا صلى الله عليه وسلم ، وهو الأمر الذي حاولت النصارى إخفاءه ، حتى لا تكون حجة عليهم في عدم إسلامهم ، ونسوا أن الحجة البالغة لله وحده ، قال تعالى : ( وإذ قال عيسى ابن مريم يا بني إسرائيل إني رسول الله إليكم مصدقا لما بين يدي من التوراة ومبشراً برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد فلما جاءهم بالبيِنات قالوا هذا سحر مبين )
[ الصف:6 ]
ولا ننسى أن نذكر أن النصارى وإن حاولوا طمس البشارات المتعلقة بنبي الإسلام إلا أن الله قد أعمى أبصارهم عن بعضها – لتكون حجة عليهم – وهذه البشارات سنعرض لها في مقال لاحق مستقل .

معجزات عيسى عليه السلام

ولما كان عيسى عليه السلام أحد الرسل الكرام الذين بعثهم الله لتبليغ دينه ، فقد آتاه الله من الآيات المعجزات ما كان دليلا على صدق دعوته ، فمن ذلك إحياء الموتى ، وشفاء المرضى ، ولا سيما من الأمراض المستعصية كالعمى والبرص ، وغير ذلك من المعجزات مما هو مذكور في قوله تعالى : ( إذ قال الله يا عيسى ابن مريم اذكر نعمتي عليك وعلى والدتك إذ أيدتك بروح القدس تكلم الناس في المهد وكهلا وإذ علمتك الكتاب والحكمة والتوراة والإنجيل وإذ تخلق من الطين كهيئة الطير بإذني فتنفخ فيها فتكون طيرا بإذني وتبرئ الأكمه والأبرص بإذني وإذ تخرِج الموتى بإذني وإذ كففت بني إسرائيل عنك إذ جئتهم بالبيِنات فقال الذين كفروا منهم إن هذا إلا سحر مبين ) [ المائدة:110 ] ، ومن معجزاته عليه السلام ، استجابة الله عز وجل لدعائه في إنزال مائدة من السماء تلبيةً لطلب الحواريين – أصحابه – حتى يزدادوا يقيناً بنبوته ، قال تعالى مبينا هذه المعجزة : ( إذ قال الحواريون يا عيسى ابن مريم هل يستطيع ربك أن ينزل علينا مائدة من السماء قال اتقوا الله إن كنتم مؤمنين * قالوا نريد أن نأكل منها وتطمئن قلوبنا ونعلم أن قد صدقتنا ونكون عليها من الشاهدين * قال عيسى ابن مريم اللهم ربنا أنزِل علينا مائدة من السماء تكون لنا عيدا لأولنا وآخرنا وآية منك وارزقنا وأنت خير الرازقين * قال الله إني منزلها عليكم فمن يكفر بعد منكم فإني أعذبه عذابا لا أعذبه أحدا من العالمين ) [ المائدة:112- 115 ]

المسيح يستنصر بالحواريين

اتهم عيسى – عليه السلام - مثلما اتهم غيره من الأنبياء بالسحر ، وأصبح ما آتاه الله إياه من الآيات المعجزات في نظر الجهلة الأشقياء ضرباً من السحر يستوجب الفرار من عيسى لا الإيمان به ، وبهذا أصبحت المعجزة عندهم سبباً للنفور والإعراض بدلاً من أن تكون سببا للهداية والإذعان ، وأمام هذا النفور العام من بني إسرائيل طلب عيسى عليه السلام النصرة في نشر الدعوة وإبلاغ الدين من الحواريين – وقد سموا بذلك لبياض ثيابهم أو لاشتغالهم بتبييض الثياب – فأجابوه إلى ما دعا ، وأصبحوا من خاصته ، قال تعالى مخلداً هذا الموقف الكريم من الحواريين : ( فلما أحس عيسى منهم الكفر قال من أنصاري إلى الله قال الحواريون نحن أنصار الله آمنا بالله واشهد بأنا مسلمون )
[ آل عمران:52 ]

ونقف عند هذا الموقف ، لنكمل حديث القرآن عن عيسى عليه السلام في مقال آخر ، سائلين الله عز وجل أن يجعل ما نكتبه خالصا لوجهه الكريم ، وأن ينفع به قارئيه ، إنه على كل شيء قدير وبالإجابة جدير ، والحمد لله رب العالمين .




0 التعليقات:

إرسال تعليق